جواب:
الأخ كميل المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ؛ فانّ مصلحة وجود الأئمة عليهم السلام لا تنحصر في الجانب التشريعي ، بل وإنّهم بما لديهم من قدرات وصلاحيّات ، لهم التصرّف في الجانب التكويني أيضاً ، فعليه فحكمة وجود الإمام الغائب ترتبط إلي حدّ كبير بمقام وساطته في الفيض الإلهي للوجود ـ كما قرّر في محلّه ـ . ثم إنّ الغيبة بما هي معلولة لعدم التجاوب المطلوب من جانب الناس لخط الإمامة ، فكافّة آثارها السلبيّة ـ إن وجدت ـ فهي حصيلة هذا التخاذل والقعود عن الحق . أي بعبارة أوضح فانّ الحيرة الموجودة لا تنفي وجود الحكمة في الأصل ، بل وإنّ كلّ الآثار السيّئة في هذه الفترة ترجع بالنتيجة إلي الناس أنفسهم ، كضوء الشمس المستتر أحياناً بالغيم ، إذ أنّ وجود الضوء ومصلحته لا يخالجه أيّ شك ، وأمّا عدم وصوله إلينا فعلتّه وجود الغيم ، وهنا لا يصحّ لنا أن ننكر حكمة وجود الشمس الممتنعة الضوء بالغيم ، بل وإنكارنا يجب أن ينصب دائماً علي المانع في جميع المجالات . مضافاً إلي أنّ الله تبارك وتعالي ومن منطلق محبّته لعباده وإيصال المنافع لهم دائماً ، قد رتّب مصالح في هذه الغيبة حتي لا يخسر المؤمنون في هذه الفترة بالمرّة ، فمنها توطيد المحبّة الولائية في نفوسهم حتي يتمهّد الطريق في المستقبل القريب ـ إن شاء الله ـ لحكم الإمام عليه السلام ، ومنها اجتياز المراحل الصعبة في الامتحان الإلهي وثمّ إعطاء درجات الإيمان لهم ، ومنها ترويضهم في هذه الفترة لمواجهة المشاكل والأمور الصعاب بأنفسهم حتي تترقّي قابلياتهم ويؤهلّوا لمرحلة تثبيت الحكم الإسلامي ، ... إلي آخر ما هنالك من مصالح كليّة وجزئية جاءت جابرة إلي حدّ ما خسارة الناس من غيبة إمامهم عليه السلام .
|