جواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نجيب علي أسئلتكم بالترتيب كما يلي : (1) نعم , هناك أحاديث وردت في مجاميعنا الحديثية تنهي وتستنكر الحركات والأنظمة السياسية قبل ظهور الحجة (عج) , ولكن يجب أن نلاحظ في المقام عدة أمور : (أ) إن هذه الروايات علي طوائف من حيث السند , ففيها المعتبر وفيها غيره , وعليه فلابد من التأكد في جانب السند حتي يكون الحديث حجة في المقام . (ب) إن النهي الوارد في بعض هذه النصوص هو نهي إرشادي لا مولوي , أي أن الامام (ع) كان يريد أن يذكر بأن الحركة والنهضة سوف لا تثمر ولن تصيب الهدف , وإن كانت الغاية منها قد يستوجب التقدير والتأييد , ولكن بما أنها لن تستثمر ومن ثم تقع سلبياتها علي الشيعة والامة , فان الائمة ( عليهم السلام ) كانوا ينهون عن التورط في هذه الحركات , وهذا ما حدث مع زيد بن علي (ع) , فقد كان هو وهدفه ممدوحاً ومؤيداً من جانب الأئمة (ع) , ولكن بما أن الامام (ع) كان لا يري نتيجة مثمرة من نهضته , كان تارةً يصرّح وأخري يلوّح بما سيأول إليه أمره . وفي عبارة مختصرة , إن النهي الوارد في بعض هذه الروايات كان لمصلحة الاحتفاظ علي كيان التشيع عن الدخول في معركة غير متوازنة مع الحكم السائد . وهذا يختلف جذرياً مع النهضة الحسينية , إذ كان القائد لها وهو الامام الحسين (ع) قد انتهج خطاً واستعمل اسلوباً خاصّاً في حركته أدت الي بقاء وإزدهار الفكر الشيعي الي يومنا هذا . (ج) إنّ النهي الوارد في بعض هذه الاحاديث نهي مضاف لا مطلق , أي أنّ الامام (ع) وبملاحظة المصالح كان قد ينهي عن التحرك والخروج لبعض الاشخاص والجهات , وهذا نظير نهي الامام (ع) عن التوغّل في المباحث الكلامية لبعض أصحابه , في حين كان يشجع البعض الآخر لتصدي هذا الأمر . (د) إنّ النهي الوارد في بعض هذه النصوص وإن كان مطلقاً , ولكنه قد قيد وخصص في فترات زمنية محددة فتري مثلاً انّ بعض الروايات تؤيّد حركة اليماني ـ وهي من الحركات التي تسبق الظهور ـ وتحث الناس بالمشي اليه , أو أنّ خروج الحسني او الخراساني وذي النفس الزكية وحركاتهم مؤيدة في الجملة , أو أن دولة الادارسة في المغرب ـ في أيامها الاول ـ كانت علي صلة قريبة من بعض الأئمة ( عليهم السلام ) , أو أن امارة علي بن الباقر (ع) في مشهد أردهال ـ منطقة قريبة من قم وكاشان ـ كانت بتنصيص صريح من الامام (ع) , ونظائر أخري . (2) نعم , ان الائمة ( عليهم السلام ) لو كانوا يرون مصلحة في تأييد بعض الجهات والحركات , كانوا يدعمونهم باليد واللسان في حدود التقية , ولكن بما أن أكثر التحركات لم تكن صالحة ومثمرة , والبعض القليل منها وإن كانت علي حق ولكن لم تعط النتائج المتوقعة منها , لم يبدوا إهتماماً جاداً في هذا المجال . ثم إن خروج ابراهيم ومحمد ذي النفس الزكية يجب أن ينظر اليه من هذه الزاوية , فالامام (ع) وإن كان يعلم صدق نيتهما , ولكن بما أنه كان يري عدم الفائدة في ذلك المقطع من الزمن في التحرك علي الطاغية لعدم تهيّؤ الأرضية المناسبة لهذه الحركة , لم يشجعهما ولم يحث الشيعة بالالتحاق بهما . (3) السبب الوحيد في هذا المجال هو عدم إستجابة الخط العام في المجتمع لفكرة الامامة , ويؤيد هذا الموضوع عدم رضوخهم لحكومة أمير المؤمنين (ع) , وانحيازهم الي جانب معاوية في مجابهته للامام الحسن (ع) , وأخيراً استشهاد أبي عبدالله الحسين (ع) وعدم وقوفهم معه في وجه يزيد بن معاوية . كل هذا كان دليلاً واضحاً علي أن عامة الناس يفضلون البقاء تحت إمرة الطواغيت ولا يستجيبون للحق الا القليل منهم . وفي هذه الظروف لا يمكن اتخاذ اسلوب الكفاح المسلح , لانه لا يثمر النتيجة المتوخّاه , وتبقي الخسائر في الارواح والاموال علي ارض الصراع دون ثمرة . (4) نعم , جاءت هذه العبارة بصورة مرفوعة عن مالك بن انس في كتاب (( مناقب آل ابي طالب )) لابن شهر آشوب [ مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب 3/372 ] . ولا يخفي علينا أن ابن شهر آشوب ثقة في نقله حتي عند أهل السنة ـ فضلاً عن الشيعة فإنه من أجلة علمائها ـ
|